حكم الدستورية رقم 162 لسنة 21 قضائية دستورية
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية
المنعقدة يوم الأحد 9 يناير سنة 2005 م
الموافق 28 من ذى العقدة سنة 1425 هـ :
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعى ............ رئيس المحكمة
وبحضور السادة المستشارين : انور رشاد العاصى والهام نجيب نوار وماهر سامى يوسف والسيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيرى طه وتهانى محمد الجبالى.
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما.......رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر امام محمد حسن ............ أمين السر
أصدرت الحكم الآتي :
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 104 لسنة 23 قضائية " دستورية"
المقامة من السيد / بكر عبد النبى محمد يوسف.
ضد
1. السيد رئيس مجلس الوزراء.
2. السيد وزير العدل.
3. السيد رئيس مجلس ادارة هيئة الاوقاف المصرية.
4. السيد رئيس مجلس ادارة الهيئة العامة للاصلاح الزراعى.
الاجراءات
بتاريخ 13 من يونيه سنة 2001 ، اودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى ، طالباً الحكم بعدم دستورية نص البند ( ح) من المادة (1) ، والمادة (2) من القانون رقم 308 لسنة 1955 فى شأن الحجز الادارى.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى لثلاثة أوجه أولها : لرفعها بعد الميعاد ، وثانيها : لعدم بيان نصوص الدستور المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة الدستورية ، وثالثها : لانتفاء المصلحة فى الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برايها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة اصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الاوراق ، والمدولة...
حيث ان الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الاوراق – تتحصل فى ان النيابة العامة كانت قد قدمت المدعى – وهو الحارس على الاشياء المحجوز عليها- للمحاكمه الجنائية فى القضية رقم 26389 لسنة 1998 جنح بلقاس ، متهمة اياه انه بتاريخ 10/11/1998 بدد الاشياء المحجوز عليها ، وهى عبارة عن انتاج مساحة ( 12 سهم ، 8 قيراط ، 2 فدان ) كائنة ببلقاس – محافظة الدقهلية ، المزروعة ارزاً يابانياً ، والمقدر انتاجها بحوالى (9) طن والمحجوز عليها لصالح هيئة الاوقاف المصرية وفاء لمبلغ 9292.94 جنيهاً قيمة ايجار سنة 1998 والمتأخرات عن الاطيان الزراعية التابعة لوقف المكاتب الاهلية ( وقف خيرى ) والمؤجرة من الهيئة لورثة عبد النبى محمد يوسف ، وقد طلبت النيابة معاقبة المدعى بالمواد ( 341 ، 342 ) من قانون العقوبات ، وبجلسة 18/3/1999 قضت المحكمة غيباً بحبس المدعى اسبوعاً وكفالة قدرها عشرة جنيهات ، وقد عارض المدعى فى هذا الحكم ، وبجلسة 23/11/2000 قضى باعتبار المعارضة كأن لم تكن ، واذ لم يرتض المدعى هذا القضاء فقد طعن عليه بالاستئناف رقم 3712 لسنة 2001 جنح مستأنف المنصورة ، واثناء نظر الاستئناف دفع بعدم دستورية نص البند (ح) من المادة (1) والمادة (2) من القانون رقم 308 لسنة 1955 المشار اليه واذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية ، فقد اقام دعواه الماثلة.
وحيث انه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد المعياد ، فهو مردود ذلك ان المقرر فى قضاء هذه المحكمة – وعملاً بنص البند (ب) من المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون رقن 48 لسنة 1979- أن المهلة التى تمنحها محكمة الموضوع لرفع الدعوى الدستورية ، لايجوز زيادتها الا من خلال مهلة جديدة تضيفها الى المدة الاصلية وقبل انقضائها ، بما يكفل تداخلها معها ، وبشرط الا تزيد المدتان معاً على الاشهر الثلاثة التى فرضها المشرع كحد اقصى لرفع الدعوى الدستورية فلا يجاوزه من يقيمها.
وحيث ان الثابت من الاوراق ان محكمة الموضوع بعد ان قدرت جدية الدفع بعدم الدستورية المبدى من المدعى بجلسة 21/3/2001 ، اجلت نظر الدعوى لجلسة 16/5/2001 لتقديم ما يفيد رفع الدعوى امام المحكمة الدستورية العليا ، ثم قررت المحكمة اضافة مهلة جديدة الى المدة الاصلية وقبل انقضائها غايتها 4/7/2001 وهى ان جاءت متجاوزة مدة الثلاثة اشهر المقررة كحد اقصى لرفع الدعوى الدستورية الا ان الثابت ان المدعى اقام دعواه الماثلة بتاريخ 13/6/2001 فى غضون مهلة الثلاثة اشهر المشار اليها ومن ثم فان لدفع بعدم قبول الدعوى على هذا الوجه غير سديد ، مما يتعين معه القضاء برفضه.
وحيث انه عن الدفع يعدم قبول الدعوى بقالة خلو صحيفتها من بيان النصوص الدستورية المدعى بمخالفتها واوجه هذه المخالفة ، فهو مردود بأن ما تغياه قانون المحكمة الدستورية العليا بنص المادة (30) منه من وجوب ان تتضمنن صحيفة الدعوى الدستورية بيانا بالنصوص الدستورية المدعى بمخالفتها واوجه المخالفة ، هو الا تكون صحيفة الدعوى مجهلة بالمسائل الدستورية المطروحة على هذه المحكمة ، ضماناً لتعيينها تعينيا كافيا فلا تثير خفاء فى شأن مضمونها او اضطراباً حول نطاقها ، ليتمكن ذوو الشأن من اعداد دفاعهم ابتداء ورداً وتعقيباً فى المواعيد التى حددتها المادة (37) من ذلك القانون ، ولتتولى هيئة المفوضين بعد ذلك تحضير الدعوى ، واعداد تقرير يكون محدداً للمسائل الدستورية المثارة ورايها فيها مسببا ، ومن ثم فانه يكفى لبلوغ تلك الغاية ان يكون تعيين هذه المسائل ممكناً ، ويتحقق ذلك كلما كان بنيان عناصرها منبئاً عن حقيقتها ، لما كان ذلك ، وكانت صحيفة الدعوى الماثلة قد ابانت –فى غير خفاء – نعى المدعى على النصين المطعون فيهما اخلالهما بمبدأ سيادة القانون وبمبدأ خضوع الدولة للقانون ، وذلك بمنحها الجهه الادارية ميزة استثنائية خروجا على القواعد المقررة فى قانون المرافعات المدنيه والتجارية ، تخولها الحق فى اقتضاء حقوقها جبراً ، بقرار يصدر منها يكون معادلا للسند التنفيذى ، وهو ما يمثل تحديداً لتلك الحقوق سواء تعلق الامر بمصدرها او بمقدراها ، وهو ما يمثل تحديدا كافيا للنصوص الدستورية المدعى بمخالفتها واوجه المخالفة الدستورية كما آرتاها المدعى ، ومن ثم فان الدفع بعدم قبول الدعوى من هذا الوجه ايضا يكون فى غير محله متعيناً رفضه.
وحيث ان صدر المادة (1) من القانون رقم 308 لسنة 1955 والبند (ح) منها المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1958 ينصان على ان " يجوز ان تتبع اجراءات الحجز الادارى المبينه بهذا القانون عند عدم الوفاء بالمستحقات الآتية فى مواعيدها المحددة بالقوانين والمراسيم والقرارات الخاصة بها وفى الاماكن وللاشخاص الذين يعينهم الوزراء المختصون....
(ح) ما يكون مستحقاً لوزراة الاوقاف وغيرها من الاشخاص الاعتبارية العامة من المبالغ المتقدمة وكذلك ما يكون مستحقاً لوزراة الاوقاف بصفتها ناظراً او حارسا من ايجارات او احكار او اثمان الاستبدال للاعيان التى تديرها الوزارة.
وتنص المادة (2) من هذا القانون على ان " لايجوز اتخاذ اجراءات الحجز الا بناء على امر مكتوب صادر من الوزير او رئيس المصلحة او المحافظ او المدير او ممثل الشخص الاعتبارى العام حسب الاحوال او من ينيبه كل من هؤلاء فى ذلك كتابة ...
وحيث ان المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها ان يكون ثمه ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بان يكون الفصل فى المسالة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة امام محكمة الموضوع ، وكان البين من استعراض احكام القانون رقم 247 لسنة 1953 بشأن النظر على الاوقاف الخيرية وتعديل مصارفها على جهات البر ، والقانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الاوقاف ، انها ناطت بالوزارة النظر على الاوقاف الخيرية وادارة اعيانها وبهذه الصفة اجاز البند (ح) من المادة (1) من قانون الحجز الادارى للوزارة توقيع الحجز عند عدم الوفاء بالايجارات المستحقة للوقف ، وقد خلفت هيئة الاوقاف المصرية الوزارة – اعمالا للنص المادة (5) من القانون رقم 80 لسنة 1971 بأنشاء هيئة الاوقاف المصرية – فى الاختصاص بادارة واستثمار اموال الاوقاف الخيرية والتصرف فيها ، وذلك باعتبارها نائبة عن وزير الاوقاف بصفته ناظراً على تلك الاوقاف ، كما حلت الهيئة – بمقتضى نص المادة (9) من القانون رقم 80 لسنة 1971 – محل الوزارة فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات عن وزير الاوقاف كناظر للوقف ، وهو الاساس القانونى لقيام الهيئة باتخاذ اجراءات الحجز فى الحالة المعروضة ، لعدم الوفاء بالايجار المستحق عن الاطيان الزراعية التابعة لوقف المكاتب الاهلية ( وقف خيرى ) ، المؤجرة من الهيئة لورثة عبد البنى محمد يوسف ، ومن ثم فان المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى تكون متحققة بالنسبة للطعن على نص البند (ح) من المادة (1) من قانون الحجز الادارى فيما تضمنه من تخويل وزارة لاوقاف بصفتها ناظراً على الاوقاف الحق فى توقيع الحجز الادارى عند عدم الوفاء بايجارات الاعيان التى تديرها الوزراة بهذه الصفة...
وحيث ان القواعد التى تضمنها قانون الحجز الادارى غايتها ان يكون بيد اشخاص القانون العام وسائل ميسرة تمكنها من تحصيل حقوقها وهى بحسب طبيعتها اموال عامة تمثل الطاقة المحركة لحسن سير المرافق العامة وانتظامها ، فلا يتقيد اقتضاؤها جبراً عن مدينيها بالقواعد التى فصلها قانون المرافعات المدنية والتجارية فى شأن التنفيذ الجبرى ، وانما تعتبر استثناء منها ، وامتيازاً لصالحها ، وهذه الطبيعه الاستثنائية لقواعد الحجز الادارى تقتضى ان يكون نطاق تطبيقها مرتبطاً باهدافها بتسيير جهه الادارة لمرافقها ، فلا يجوز نقل هذه القواعد الى غير مجالها ، ولا اعمالها فى غير نطاقها الضيق الذى يتحدد باستهداف حسن سير المرافق العامة وانتظامها . اذ كان ذلك ، وكانت اموال الاوقاف تعتبر بصريح نص المادة (5) من القانون رقم 80 لسنة 1971 اموالا خاصة مملوكة للوقف باعتباره – عملا بنص المادة (52/3) من القانون المدنى – شخصاً اعتباراً ، وهو يدخل بحسب طبيعته فى عداد اشخاص القانون الخاص ، ولو كان من يباشر النظر عليه شخصياً من اشخاص القانون العام ، اذ يظل النظر – فى جميع الاحوال- على وصفه القانونى مجرد نيابة عن شخص من اشخاص القانون الخاص ، وفى هذا نصت المادة (50) من القانون رقم 48 لسنة 1946 باحكام الوقف على ان " يعتبر الناظر اميناً على مال الوقف ووكيلا عن المستحقين..." ومن ثم فان قيام وزير الاوقاف بصفته ناظراً على الاوقاف الخيرية وهيئة الاوقاف كنائبه عنه على شئون اموال الاوقاف ، انما يكون كأى ناظر من اشخاص القانون الخاص ، وعلى ذلك فان تخويل النص الطعين وزارة الاوقاف بصفتها ناظراً على الاوقاف صلاحية توقيع الحجز الادارى عند عدم الوفاء بالايجارات المستحقة للاوقاف ، مؤداه الحاق نشاط هذه الاوقاف – فى هذا النطاق – بالاعمال التى تقوم عليها المرافق العامة ، واعتبارها من جنسها ، واخضاع تحصيلها – دون مقتض – لتلك القواعد الاستثنائية التى تضمنها قانون الحجز الادارى ، بما يخالف نص المادة (65) من الدستور ، ذلك ان مبدأ الخضوع للقانون المقرر بها ، يفترض تقيد اشخاص القانون الخاص فى مجال نشاطها واقتضاء حقوقها بقواعد ووسائل هذا القانون دون غيرها ، فلا يكون الخروج عليها الا لضرورة وبقدرها ، فاذا انتفت تلك الضرورة كما هو حال النص الطعين فانه يكون قد وقع فى حمأه المخالفة الدستورية .
وحيث ان القضاء بعدم دستورية نص البند (ح) من المادة (1) من قانون الحجز الادارى من شانه عدم جواز اتخاذ اجراءات الحجز المنصوص عليها فى المادة (2) من ذات القانون قبل المدعى ، ومن ثم فان الطعن عليها بعدم الدستورية اصبح ولا محل له.
حكمت المحكمة بعدم دستورية البند (ح) من المادة (1) من القانون رقم 308 لسنة 1955 فى شأن الحجز الادارى المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1958 فيما تضمنه من النص على جواز اتباع اجرءات الحجز الادارى عند عدم الوفاء بما يكون مستحقاً لوزارة الاوقاف بصفتها ناظراً من ايجارات للاعيان التى تديرها الوزارة ، والزمت الحكومة المصروفات ، ومبلغ مائتى جنيه مقابل اتعاب المحاماه